الموضوع باختصار يتعلق باعلان عن مستحضرات تجميل ( ميكياج ) من المفترض أن يذاع على قناة "ميلودي" ، العمل كان من خلال مكتب صغير وبأسعار لا تتناسب مطلقا مع المستوى الفني المتميز الذي ظهر به الإعلان فيما يتعلق بتصميم الشخصية والتحريك خاصة وأنا اتحدث عن فنانين لهم وجودهم الحقيقي وخبرتهم الكبيرة في سوق الرسوم المتحركة وسبق أن اثبتوا دورهم المتميز بهذا المجال من خلال العديد من الأعمال الناجحة التي شاركوا فيها . وأتحدث تحديدا عن سارة سمير مصممة شخصية الإعلان ، وعن المحركين "سمر جمال" و "مصطفى عشري" و "أميرة مصطفى" وكلهم أسماء معروفة تماما داخل الوسط ومعروف مستواهم الفني جيدا .
بعد تنفيذ أعمال الرسم والتحريك بدأ صاحب المكتب في التدخل بالتفاصيل الفنية للعمل وبشكل فج ، الأمر الذي اعتبره من وجهة نظري الشخصية تعديا للحدود وتطاولا على الفنان واهدارا لقيمة إبداعه إذا علمنا أن هذا التدخل لم يكن من شخص متخصص بأعمال التحريك ، وبالرغم من أنني لو كنت بهذا الموقف لرفضت تماما إجراء أية تعديلات على العمل ، إلا أن زملائي وافقوا ، وقاموا بالفعل بتنفيذ العديد من التعديلات ، وفي النهاية ــ وكما هو متوقع ــ لم يعجب العمل النهائي صاحب المكتب ، هذا بعد أن حصل بالفعل على تصميم الشخصية وعلى ملفات التحريك وبالتالي أصبح بإمكانه في هذه الحالة ــ كما أرى ــ استخدام هذه الأعمال والاستعانة بمحركين آخرين لإتمام العمل بعد أن تم انجاز الجزء الأهم والأصعب منه (مجانا) دون مقابل مادي من أي نوع .
هذا التناصح ــ إذا تحدثنا عن الموقف بنوع من اللباقة ، أو "النصب" إذا أردنا تناول الأمر بموضوعية ــ أصبح الحال السائد للعديد من المكاتب والشركات التي ساهمت في انهيار مجال الرسوم المتحركة بمصر ، "الفهلوة" وشغل "التلت ورقات" الذي طال هذا المجال ايضا لينضم إلى قائمة طويلة من المجالات الفنية المنهارة تباعا يوما بعد يوم .
التعامل مع فنانين على هذا القدر من الموهبة والخبرة بهذا الشكل المهين والمهدر لقيمتهم وقيمة اعمالهم ماديا وأدبيا ، وعلى هذا النحو المستمر والمتكرر وهذه الصورة الفجة وهذا القدر من الصفاقة أصبح من المستحيل السكوت عليه ، فإذا كان المجال على حافة الإنهيار أو قد انهار بالفعل في مصر فعلى الأقل من حقنا ان ندافع عن أنفسنا كفنانين قدموا ولا يزالون يقدمون الكثير للمشاهد العربي من المحيط للخليج ، من هذا المنطلق كان على أن أعلن تأييدي الكامل لزملائي وتضامني مع موقفهم ضد هذا السخف .
ولأن الشخصية وأعمال التحريك لم يحصل عليها صاحب المكتب بشكل قانوني ولم يدفع للحصول عليها مقابل مادي من أي نوع وجب هنا إهدار حقوق الملكية لها بنشر رسوم الشخصية واستخدامها كمادة متميزة لأعمال كارتونية مجانية تعرض على شبكة الإنترنت ، فبالرغم من أن ذلك لن يعطي الفنان حقه بالطبع إلا أنه كافي لـ "حرق" الأعمال بحيث لا يمكن استخدامها في أية اعلانات تجارية من أي نوع ، ويسعدني استكمال أعمال التحريك لزملائي الفنانين للمساهمة في ذلك بصفتي مركب ومونتير ومخرج رسوم متحركة .
د. أشرف حمدي
رسام الكاريكاتير