Total Pageviews

Friday, October 15, 2010

مناخوليا

conversations

كان من الحتمي كتابة هذا الموضوع .. ولكنني أشعر بأسف شديد لكتابته .. فحينما تبدأ في مناقشة موضوع بعنوان ( فيتامين سي وعصير البرتقال ) لتجد من يقول لك : إسمه البِرتقال بكسر الباء .. فترد عليه : لا هي بضم الباء وتحاول العودة إلى الموضوع واستكمال المناقشة ليظهر من جديد ليقول : قلت لك إنها بكسر الباء ولن أسمح لك أن تنطقها بضم الباء أبدا ! وقبل أن تفتح فمك بكلمة تجد آخر يقول لك البرتقال حرام مثلا أو أنه من غير اللائق أن نعصر البرتقال بل أن نأكله بقشره .. فتجد نفسك انك امام مجموعة من المخابيل بالتأكيد ولا يمكن أن نتفق أساسا على لغة حوار في موضوع على هذا القدر من العبث أساسا .. فتضطر آسفا أن تتجاهل الموضوع الأساسي عن فيتامين سي الموجود بالبرتقال لتبدأ جدلا عقيما حول ما إذا كان البرتقال أساسا حرام أم حلال وهل عصر البرتقال أصلا لائق أم غير لائق .

هكذا بالضبط وصلنا إلى ما نحن عليه الآن من تخلف . لن نناقش فيتامين سي أبدا أو فوائدة .. أبدا .. بل سنبحث عن أي شيء مجنون لنتجادل حوله بعيدا عن الموضوع الأساسي كي ندعي العلم والمعرفة .. بالطبع لأن الغرب جاهل ومتخلف وشغل نفسه بقضية فيتامين سي وأهمل طريقة النطق الصحيح للبرتقال بكسر الباء أو بضمّها ونحن نتفوق عليهم في ذلك

هامش إضافي :

أصرخ للناس .. الخطر قادم من الشباك .. أغلقوا النوافذ سوف نموت

الرد يكون : إسمه شباك بضم الشين

ــ يا سيدي حنموت .. اقفل الشباك حنروح في داهية

ــ بقولك اسمه شووووبااااك مش شييييباك

ــ طيب .. اسمه شوووباك بس اقفله

ــ لأ لما اقتنع إنك من جواك مقتنع أن اسمه شوووباك مش شيييباك

كوميديا سوداء بلا شك .. أن تفتح موضوعا فنيا للمناقشة .. حول الفن التجريدي مثلا .. وتكون على استعداد كامل للمناقشة العاقلة المحترمة وترحب بالإختلاف في الرأي حول ما إذا كان الفن التجريدي فن حقيقي له قواعده أم هو مجرد عبث وموضة لا علاقة لها بالفن أم انه حركة فنية يصعب على الكثيرين فهمها إلى آخر أوجه الإختلاف في الرأي مهما كانت متعارضة مع قناعتي انا الشخصية .. ولكن حينما يدخل شخص ليجادلك أساسا حول نقطة أن الرسم أساسا حرام فهذا هو العبث لأنني أصلا لم أفتح المناقشة على هذا الجانب ومن المفترض أن أي نقاش حقيقي لابد وأن يكون على أرض ثابتة نقف عليها جميعا أولا حتى نتفق أو نختلف بشكل حقيقي .. وفي هذا المثال فإن الأرض التي من المفترض ان نقف عليها جميعا للنناقش الفن التجريدي هو أن الرسم فن من أرقى الفنون . ولا يجوز أن نحرمه أو نحلله لأنه غير قابل لذلك أصلا .. الفن أداة مثل السكين .. لا يجوز ان نقول أن السكين حرام أو حلال لإن هذا بالتأكيد عبث وجنون .. تخريط البصل بالسكين حلال .. وقتل الآخرين بالسكين حرام .. الحرام والحلال في الأفعال وليس في الأشياء المادية .. لا يجوز أن نقول أن الخمر حرام ولحم الخنزير حرام فهذا عبث وجنون .. شرب الخمر هو الحرام وأكل الخنزير هو الحرام .. أفعال معينة في ظروف معينة وبطريقة معينة لا أشياء مادية أو مطلقة . يمكنني ان استخدم الكحول في السبرتاية وأنظف به مرحاضي وأطهر به الجروح .. لا أحتاج إلى سؤال رجل الدين في ذلك لأن هذا يدخل في إطار العبث والسفسطة .. لأن الموضوع واضح أساسا ولا يحتاج لتفسير هنا .. شرب الخمر هو الحرام . هل يمكنني انا أجادل في حقيقة مثل هذه ؟

يعتقد كثيرون أنني ديكتاتور متعصب لا يقبل بالرأي الآخر أبدا ولابد أن يكون على صواب دائما ولن يسمح بأي اختلاف مع رأيه .. بالطبع لا .. وهذا تجنّي كبير جدا علّي لسبب بسيط جدا .. ان الناس لا تفهم أن الإختلاف في الرأي لابد وأن تكون له قواعد

.

في الرسم مثلا .. حينما تنقد أسلوبي في الرسم فهناك طريقتين لذلك لا ثالث لهما

إما أن تنقده باعتبارك فنان وعندها سأسمح لك أن تقول انني أرسم بشكل خاطيء تماما ولن أتضايق من ذلك مطلقا بل على العكس سأهتم جدا بكلامك وأحاول أن أتعلم منك وأستفيد من خبرتك بهذا المجال .. هذا هو الفرق بين الفنان إيهاب شاكر مثلا لأنه اتهمني بالفشل ولم ينصحني .. لم يمسك بقلم ليصحح لي أخطائي كما فعل المرحوم الفنان رؤوف عياد وكما يفعل معي أستاذي الكبير الفنان عمرو سليم وغيرهم .. الفنان تاج وهو من أشهر رسامي الكاريكاتير قام بتوبيخي امام رسامي الكاريكاتير المصريين كلهم منذ 7 سنوات في إجتماع للجمعية المصرية للكاريكاتير بسبب رسم لي ولم أتضايق مطلقا لأنه علمني في هذا اليوم كيف أستفيد من اللون الأسود لأحقق التوازن البصري لرسومي ولم أنس هذا الدرس أبدا ولازلت أذكر هذه المعلومة وأشكره عليها بالرغم من قسوته في انتقادي .. اختلف معي كما تشاء طالما أن لديك شيء أفضل مما أقول أو أفعل يمكنني الاستفادة منه ولسوف اشكرك على ذلك

.

وإما ان تنتقد اسلوبي في الرسم باعتبارك قاريء لم أستطع أن أصل إليه برسومي .. أي انك كقاريء لم تفهم ما هو المقصود من الرسم لأنني لم أرسمه بشكل واضح .. يأتي شخص مثلا ويسألني : هو الراجل اللي في الكاريكاتير ده ماسك ايه في إيده انا مش فاهم ؟ هذا حقك .. فقد كان يجب علي أن أقوم بتوضيح أو تكبير الشيء الذي يمسك به الرجل بالكاريكاتير حتى يسهل فهمه ولهذا يجب علي تعديله .. ولو كنت عنيدا متاكبرا لرفضت ذلك واستهنت برأي القاريء

.

القاريء من حقه أن ينتقدني لأن الفكرة ليست ظريفة مثلا أو غامضة .. ومن حقه أن ينتقدني لأن الفكرة مكررة وتم استخدامها مرارا .

طريقتان فقط .. ولا ثالث لهما كما قلت كي تعترض على أو تنتقد لي أي شيء

أما أن تأتي لتقول لي الرسم حرام وبالتالي تنتقدني وفقا لهذا المبدأ فأبسط رد سأقوله : حرام يبقى ما تشوفوش .. لا تشاهد الكاريكاتير ببساطة طالما ان الرسم حرام .. لو أن هدفك ان تجبرني على قبول هذا المبدأ فانا لن اسمح لك بذلك لأنه يتعارض مع قناعتي الشخصية كأمر بديهي ليس محل نقاش اساسا .. أن تصر بالرغم من ذلك على ان تجادلني في نفس الموضوع فلتتحمل عندها أسلوبي لأن هذا لن يعتبر نقاشا ولا يجوز أبدا تطبيق قواعد النقاش الهاديء والمحترم لأنك قناعتك وقناعتي لا تتغيران أبدا .. انت لن تؤمن أبدا بأن الرسم حلال وانا لن أقنع أبدا أنه حرام فلماذا النقاش أصلا طالما انه بلا فائدة أساسا إلا إذا كنت تريد الشجار .. إذا كان وقتي يسمح بذلك فانا مستعد أيضا للشجار ولا بأس في ذلك .

لن اتناقش بشكل موضوعي أبدا مع شخص ينادي بأكل لحوم البشر . لا توجد أرض ثابتة نقف عليها نحن الاثنان كي نتناقش . أقنعك بماذا وتقنعني بماذا ؟ ما هذا العبث ؟

تريدني أن أقتل الناس وآكل لحمهم وإن رفضت هذه الفكرة تتهمني بالكفر مثلا أو على أقل تقدير تتهمني بأنني لا أحب من يخالفني الرأي .. لا يجوز النقاش هنا أبدا واعتبره نوع من العبث .. هذا ليس اختلاف في الرأي أبدا هذا هو الجنون بعينه.

أنت أساسا لا تحترم أي قوانين أو اعراف انسانية من أي نوع وتأكل لحوم البشر وتريد نقاشا ؟؟؟؟ أي نقاش هذا ؟

حينما ناقشت لارس فيلكس صاحب الرسوم المسيئة عن الرسول كنا نقف على أرض واحدة وهي حرية التعبير

لم اتحدث معه مطلقا من مفهوم ديني لأنه لا يؤمن بديني أساسا فكيف أقنعه بقضية من منطلق دين لا يؤمن هو به .. لذا كان نقاشي معه حول قضية حرية الرأي والتعبير وما إذا كانت مطلقة أم لها ضوابط .. وتناقشت معه في الفرق بين الضوابط والقيود .. ضوابط حرية التعبير شيء آخر تماما غير تقييدها بل ان هذه الضوابط حماية لحرية التعبير نفسها . وفي النهاية كما قلت لكم منذ سنوات على المدونة ان النقاش انتهي بأن لارس فيلكس وعدني بأن يرسم كاريكاتير يشكك في المحرقة (الهولوكوست) طالما أن حرية التعبير مطلقة عنده ولم يرسل الكاريكاتير ولن يرسمه ولن يجرؤ على ذلك .. كيف تدعي حرية التعبير وانت تسب المسلمين ونبي الاسلام وتريد للعالم أن يحترم لك هذا الحق في حين أنك لو شككت في المحرقة لإعتقلت على الفور ولدفعت غرامة باهظة ولإنهال عليك اليهود بالنعال . لذا أثبت لقراء مدونتي ان لارس فيلكس كاذب ولا تشغله قضية حرية التعبير من قريب أو بعيد .. الموضوع ببساطة أنه يريد إظهار المسلمين بشكل همجي من خلال استفزازهم .. هو يتعمد الإهانة لكي تندلع المظاهرات وتنقلب إلى احداث شغب وتخريب ليثبت للعالم أجمع اننا قوم همج وبرابرة ندعو إلى القتل والتخريب .

إما أن تقف على نفس الأرض التي أقف عليها وتناقشني كما وقفت انا على أرض حرية التعبير التي نؤمن بها انا ولاس فيلكس سويا لنتناقش ونتجادل كيفما نشاء .. وإما لا تناقشني أصلا لأن النقاش عندها سيكون عبثي وكأنه حوار كوميدي بين كائن من كوكب زحل وكائن من كوكب المريخ أو حوار بين قنديل البحر ونبات البسلّة ! ولا يوجد بينهما أي أرض مشتركة أساسا كي يقفا أمام بعضهما للنقاش .

أتحدث عن فتوى محمد حسّان بتحطيم الآثار مثلا وتكذيبه لنفسه فيقال لي : لقد أفتى بطمسها وليس بتحطيمها

يا سلااااااااام ؟؟؟ انا اتحدث عن التخريب .. حلوة كلمة التخريب دي ؟؟؟ عشان ما نقعدش نتجادل في كلام فارغ حول الفرق اللغوي بين الطمس والتحطيم .. انا بقى جبت لك من الآخر .. الطمس والتحطيم = التخريب .. لغويا أقفلت هذا الباب في وجهك حتى لا تشغلني في مهاترات عقيمة .

قضيتي ليست هي الفرق بين الطمس والتحطيم

قضيتي هي التخريب والكذب ليست قضية الفرق بين الطمس والتحطيم ولا هي قضية "التراجع" عن الفتوى لأنه لم يتراجع عنها بل كذب .. هي قضية

الكذب هنا فالتزم بها حتى لا يتحول الحوار إلى كلام مجانين



المشكلة اننا في هذا العصر لا نقف أبدا على أرض واحدة

لو رأينا حال المسلمين نجدهم طائفتان كبيرتان .. سنة وشيعة .. السنة وحدها تنقسم على نفسها إلى مئات الاتجاهات المختلفة تماما .. وصل الأمر إلى أن المشايخ يسبّون بعضهم بعضا علنا في القنوات الفضائية كما فعلوا مع عمرو خالد

حتى الاسلام نفسه لم يعد أرض ثابتة لكل المسلمين كي يكون هناك نقاش من الأصل بينهم

اليوم الذي سنناقش بعضنا بعضا بالسكاكين والمدافع اقترب جدااااااااا

فاحذروا

Sunday, October 10, 2010

غزو فضائي

 

تحدثت من قبل في هذا ولكن هذه المرة ــ وبعد سنوات قليلة من طرحه هنا ــ تخطى الأمر مجرد كونه إتجاه فكري معيّن وحالة ما من التعصب يمكن فهمها وقبولها ومناقشتها بشكل أو بآخر ، إلى حالة عامة متفشّية في مجتمعاتنا وأسمحوا لي أن أصفها بالحالة المرضيّة .

أتحدث عن الهوس الديني .. وإن شئنا الدقة في اختيار تعبير مناسب ربما نقول : الهوس الجاهلي بالدين ... حيث أصبح الحديث عن أي أمر يتعلق برجال الدين بمثابة تعدي على الدين نفسه وهذه كارثة حقيقية إن نظرنا له بشكل مادي بحت .. وشرك بالله لو نظرنا لها من مفهوم ديني أساسا .. ومرض نفسي لو تحدثنا عنه طبيّا .

رجل الدين ليس هو الدين .. وليس هو من جاء بالدين للناس .. رجل الدين ما هو إلا شخص درس علوم الدين إما ليفتي الناس في أمورها وإما للدعوة وإما ليكون أستاذا يعلم الآخرين علوم الدين .. وبين رجال الدين وبعضهم اختلاف حول أمور كثيرة وهذا الاختلاف معناه ببساطة أن يكون منهم على خطأ بالضرورة لأنه من المستحيل أن تكون كل الآراء صحيحة في ذات الوقت ، وهذا ليس عيبا أبدا أن تخطيء وتصوّب ما اخطأت فيه بالإجتهاد .

رجل الدين ليس إله ولا نبي .. رجل الدين ليس معصوما أبدا .. وهو مثل الطبيب والمهندس والسباك والنجار .. فرد من المجتمع له دوره المهم والمحترم والذي يستحق التقدير وليس فوق المجتمع ولا فوق القانون ولا فوق النقض ولا فوق الاختلاف معه .

 

مالي حرام وعملي حرام .. وداخل النار من الآخر .. بارك الله فيك يا شيخ

ولكن مجتمعنا لا ينظر له هكذا .. بل يراه كائن سماوي مبجّل ومقدس ومعصوم من الخطأ ولا يجوز مطلقا أن تعارضه لأنك لست في مقدار علمه الواسع .. العلم الذي يتيح له قول أي شيء وكل شيء دون أن يجرؤ أي كلب على أن يفتح فمه بكلمة واحدة عاقلة .. حتى وإن كان سؤالا .. لأن السؤال يفتح باب الجدال ومن المفترض أن رجل الدين الجليل لا يجادل السفهاء .

يقول لك ضع رأسك في المرحاض فتضعها فورا دون مناقشة ودون حتى استفسار عن ذا الطلب الغريب والشاذ فرجل الدين لا يخطيء أبدا ولا يمرض ولا يجن ولا يصاب بالخبال .

حينما ظهر علينا المواطن \ محمد حسّان بفتوى عبقرية تتيح لأي شخص أن ينقّب أسفل منزله للبحث عن الآثار ثم طمسها ثم بيعها حلالاً بلالاً، هتف له دراويشه : بارك الله فيك يا شيخنا العظيم .. وحينما ظهر في اليوم التالي ينفي تماما ما قاله جملة وموضوعا ويكذّب فتواه رغم أنها مسجلة صوتا وصورة في بجاحة فريدة من نوعها وكذب بيّن هتف المدّحاون أيضا : بارك الله فيك يا شيخ وأحسنت قولا . لم يجرؤ احد ان يقول أنه كاذب فالشيخ الجليل لا يكذب أبدا. والمشكلة لم تكن أبدا في التراجع عن فتواه فهذا حق مشروع له بالرغم من خطورة إصدار فتوى دون التأكد منها .. ولكن المشكلة في الكذب .

ماهو يا الناس اتجننت يا أنا اللي مش طبيعي !

وحينما قمت بعمل مونتاج يجمع بين قول الشيخ الأول وقوله الثاني ليرد على نفسه ويكذّب نفسه بنفسه قالوا لي : الشيخ أحل طمس الآثار وليس تحطيمها !!! لا يا شيخ ؟؟؟ طمسها وليس تحطيمها .. هناك فرق بالطبع .. أحل مثلا ثقبها وليس خرمها .. عجبنها وليس دعكها .. كسرها وليس تحطيمها ، فحتها وليس حفرها

 

.

فتوى كهذه كافية لهدم تراث شعب بأكمله وبيعه على الرصيف .. الحضارة الفرعونية لم يتبق منها سوى الفن والمعمار وما كتب عنها كتب التاريخ .. يريد الشيخ ببساطة بيع كل هذا .. لا .. بل طمسه أولا قبل بيعه طالما وجدته في أرضك وهو ملكك . بمعنى انني لو عثرت على مومياء الاسكندر الأكبر تحت بيتي فهي من حقي أفعل بها ما أشاء وليست من حق البشرية كلها . من حقي بيع عظام الاسكندر مثلا لطلبة كلية الطب "بتلتوميت جنيه" . أو بيع التابوت بالكيلو في ميدان العتبة .. أو حتى أستخدم المومياء كحطب وشي أكواز الذرة عليها .

ليس هي الفتوى الأولى من هذا النوع وليست هذه قضيتي الأساسية

القضية أنني أصبحت ممنوعا من نقد أي شخص بلحية في أي مقال أو كاريكاتير .. فقد أصبحت اللحية نوع من العصمة والحصانة الدينية تتيح لصاحبها وفقا لطولها أن يتحكم في عقول البشر الذين تحولوا إلى روبوتات بالريموت كونترول يمكن توجيهها عن بعد لفعل أي شيء يخطر على بالك طالما أظهرت لهم لحيتك .. أصبحت اللحية مثلا علامة ممنوع الاقتراب أو التصوير .. أصبحت اللحية فوق حرية التعبير المشروعة . فإن صاحبها مبعوث الإله وليس بشرا عاديا وليس مواطنا عاديا ولا يطبق عليه ما يطبق على سائر البشر .

في أحد التعليقات على خبر فتوى المواطن محمد حسّان يقول المعلّق : والله يا شيخ لو أمرتنا بتحكيم الآثار لحطمناها كلها ولم نبق على أثر واحد في مصر

ويقول آخر : أنت أحب إلي من أمي وأبي

ويقول ثالث بالحرف الواحد : أشهد انك أشرف الخلق بعد سيدنا محمد والصحابة

نحن أمام غزو فضائي وليس مجرد حالة ما من التعصّب .. الفضائيين يستحوزون على أجساد المصريين ويسيطرون على عقولهم .. لانه ببساطة شديدة جدا فإن هذا الكلام يتعارض مع الدين الاسلامي نفسه .. يتعارض مع موقف سيدنا أبي بكر الصديق حبنما قال : أيها الناس، فإني وليت عليكم و لست بخيركم .. فإن أحسنت فاعينوني وإن أسأت فقوموني ويتعارض مع الحديث الشريف :

عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، :
(لا تـكــونـوا إمَّـعــة، تـقــولـون: إن أحســن الـنــاس أحـســنـّا، وإن ظـلــمـوا ظـلــمـنـا، ولـكــن وطـنــوا أنـفــسـكـم، إن أحـســن الـنــاس، أن تـحــسـنـوا، وإن أســاؤوا فـلا تـظــلـمـوا) رواه الترمذي

سيدنا أبو بكر شخصيا يقول إن أسأت فقوموني !

والكلام عن الإمعة هذا كلام رسول الله وليس كلامي .. ولكن يبدو أن المواطن محمد حسّان يتمتع بميزة خاصة تجعله فوق الأنبياء والمرسلين

الشعبية التي اصبح يتمتع بها المواطن محمد حسّان لدى الناس والتي جعلته يتكسّب من جهلهم ملايين الجنيهات تمثل خطرا حقيقيا على النخبة العاقلة الباقية ( ولا أدعي أنني منهم ) وهي النخبة التي تمثل الأمل الوحيد في صلاح هذه الأمة التي ماتت وتعفّنت فلم يبق لها سوى التعصب الديني وراء مشايخ مرتزقة .

حينما تجد نفسك مثلا متهما بالجهل والتخلف والإلحاد أمام شخص غبي أحمق لا فرق عنده بين سيمفونية لبيتهوفن وصوت ظراطه لمجرد أنه بلحية وأنت لا .. أي شخص .. فقط له لحية .. وتجد من يقول لك : هل أنت في مثل علمه كي تعارضه وتتطاول عليه يا كلب ؟

 

 

الجهل شيء ولكن العناد في الجهل بهذه الطريقة شيء آخر تماما

لو كنت في مثل علمه ــ حتى وإن كنت كلبا ــ لكان من المستحيل أن أفتى الناس بالرضاعة من أثداء زميلات العمل .. ولم أكن لأفتى بطمس وتحطيم وبيع وتجارة حضارة مصر وتراثها .. ولم أكن لأنادي بختان الإناث باعتباره فرض واجب على كل مسلم أن يختن ابنته .. ولم أكن لأحرم الفنون جميعا شكلا وموضوعا .. ولم أكن لأنادي بمنع تعليم البنات بالجامعة .

وإن كنتم أنتم على مقدار ما من التعقل لما كنتم مهللين مستحسنين طائعين لأي شخص انقطعت عنه المياه فلم يحلق لحيته منذ شهور .. آمين .. آمين يا شيخ المرسلين ولتصب لعنة السماء على كل من يعارضك .

هذا الخبال الذي أصاب الجميع لا علاج له .. تحاول ان تكسر أصنامهم التي عبدوها ولو بمجرد كاريكاتير تناقش فيه هذه الأزمة فتنصب عليك اللعنات من كل مكان وتنهال عليك التعليقات والتهديدات الغبية متناهية الغباء تقطر حقدا وغلا وجهلا وتخلفا .

رجال الدين بشر محدود الإدراك كغيره من البشر .. وُجب على غيرهم تقييمهم وتقويمهم ونقدهم .. حينما يتعلق الأمر بالإقتصاد يجب مناقشة الفتوى مع خبير اقتصادي أولا .. وحينما يتعلق الأمر بالطب وجب ماقشة الأمر مع طبيب .. حينما يتعلق الأمر بالفن فلا يجوز لك ان تفتي بأي كلام لا تفهمه بل إرجع إلى فنان أولا لتفهم عن ماذا تتحدث .. اما إدعاء العلم الكامل والحق الكامل في التدخل بكل أمور الناس من خلال الدين فهو مرفوض تماما .. التدخل الذي وصل إلى أن يأتي الشيخ ليعلمني كيف أنام مع زوجتي وكيف أغسل أسناني وكيف أقضى حاجتي وفقا لمزاجه هو الشخصي وليس من مجرد رؤية دينية ، وعليّ السمع والطاعة .. شكرا يا شيخ فلدي كل الكتب الدينية والعلمية التي تعلمني هذه الأشياء ولا حاجة لي بعلم فضيلتك .

من حقي أن أسمع الجميع .. وأناقش وأسأل وأقتنع وأفهم وأحلل وأدرك .. من حقي أن أسمع عمرو خالد ومصطفى حسني وأقرأ لمصطفى محمود وللشيخ الغزالي والإمام محمد عبده .. من حقي الاعتراض على التعصب والجهل .. من حقي معارضة مشايخ يتهمونني بالإثم والضلال لأنني فنان تشكيلي ويحرّضون الناس علي وعلى أهل الفن .. الأمور الدينية ترجع إلى اجتهاد الانسان نفسه وليس الانصياع .. ترجع إلى البحث والتنقيب .. التنقيب عن الفكرة وليس عن الآثار بالمناسبة .. أن تستمع إلى كل الآراء المتاحة وتحاول من خلالها أن تصل إلى قناعة شخصية تجاه الأمور التي تحيّرك .. لا أن تترك أذنك وعقلك لأي شخص بلحية ليملي عليك ما يجب أن تفعله وما يجب أن تتركه .

هذا رأيي ولن أتراجع عنه .. فاقتلوني أو اصمتوا

حكم الغناء والعياذو بالله

Counter