فرصة العمر .. هكذا يسمونها .
أضعتها بغبائي .. هكذا يتهمونني .
الحسرة والمرارة .. هكذا أشعر .
لا .. ليس لأنني أضعت فرصة العمر بغبائي .. فهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة .. وهي أنني .......
.................
* * *
السيد المحترم أستاذ ( .... )
أعتذر عن عدم حضوري المقابلة الشخصية اليوم كما اتفقنا بالمكالمة الهاتفية لظروف خاصة تمنعني من السفر ، أرجو قبول إعتذاري خاصة وأننا أكدنا الميعاد منذ يومين ، لك مني كل إحترام وتقدير .
د. أشرف حمدي
* * *
إتصل بي بعد بضعة ساعات من إرسالي الايميل ، لم أرد .
فقط هذا الشعور المقيت بالمرارة والسخط والغضب ، هذا لأنني ..........
..................
* * *
كان من المفترض أن أقابله بفندق عريق ذو خمسة نجوم ، كان حديثه معي بالهاتف مهذبا للغاية ، كان حرصه على تأكيد المقابلة أمرا مشجعا جدا ، ولكن ، كنت قد حسمت قراري بالفعل تجاه هذا الموضوع ، لن أسافر إلى السعودية ، لن اترك هذه البلد لأنني ............
..................
* * *
فقري ؟؟؟
أيوة فقري ... أنا فقري على رأي الأستاذ رشاد كامل رئيس تحرير صباح الخير ، قالها لي منذ سنوات ولا يزال يذكرني بها .. أعترف بذلك ولا أنكره أبدا .
أنا الفقري .. أنا المصري الذي قرر أن يعيش في مصر .
سبحان الله ، مصري وعايش في مصر .. تخيلوا المفارقة ؟!
* * *
راجع نتيجة الاستفتاء الموجود على يمين هذا المقال
* * *
لم يسافر أحد إلا وقرر البقاء بعيدا عن مصر .
يحكون لي عن شعورهم المفاجيء بأنهم لم يكونوا بنى آدمين وقد شعروا للمرة الأولى في حياتهم بالآدمية ، تماما كما تخرج الروح من الجسد وتقرر ألا تعود إليه مرة أخرى .
يحكون عن الحياة الكريمة ، ليس ماديا ، ولكن إنسانيا .
يحكون عن بلاد تحترم مواطنيها وتقدرهم أو على الأقل تكترث لهم .
يضحكون على كل الكلام الفارغ وكل الأغاني التي تسأل عما إذا كنت قد شربت من مياه النيل التي لابد وأن تجبرك على العودة مرة أخرى إلى أرضها الطاهرة ، ولا تتسائل عما أعطته لك مصر ولكن تسائل عما ستعطيه لها ، ومصر التي هي أم الدنيا وأغلى الأوطان ، ومصر التي هي أمي .
* * *
وإياك تقوللي مصر هي أمي .. أمك راقدة جوّه أهيه ( من فيلم آسف على الإزعاج )
* * *
لم يسافر أحد إلا وشعر بفداحة الكارثة التي كان يعيش فيها.
إلا وإزداد سخطا وكراهية وحنق وإشمئزاز .
إلا ونصحني بالهجرة ، وليس مجرد السفر .
أنا الفقري الذي قرر البقاء في مصر .
عندا ، وعنادا
كيف أسافر لبلاد لا تحترمني وتعتبرني درجة أقل من البشر حتى وإن كانت القوانين تضمن لي معاملة كريمة ؟
هل هذا ذنبي أم ذنب حكومتي التي لم تضمن لي كرامة لآدميتي أو لمصريتي في أي دولة مهما كانت ؟
من قبل أن أسافر أو أفكر في السفر وأنا اسمع شتيمتي وشتيمة كل مصري باللهجات السعودية والكويتية وحتى الليبية ، على المنتديات وعلى اليوتيوب ، على البال توك ، على الشات .
كيف أسافر وأخسر المعركة بهذه البساطة ؟
وهل لسفري دلالة أخرى غير الهزيمة ؟
وكيف سيكون لي الحق في إنتقاد الأوضاع في بلدي من خلال الكاريكاتير الذي وهبت له حياتي ؟ كيف انتقد أوضاع بلدي وظروفها وأنا بعيدا عنها هاربا من هذه الظروف ؟ أي وغد سأكونه وقتها ؟ أي سافل هذا الذي يصرخ من بعيد؟
* * *
يا مصر ليه قاسية على ولادك ؟ قربك مرار .. والذل في بعادك ( من قصيدة لم تكتمل )
* * *
أليس من حقي أن أعيش بالمكان الذي ولدت فيه ؟ حقي ولا مش حقي ؟ .. حقي
أليس من حقي أن أعيش في بلدي حياة كريمة ؟ حقي ولا مش حقي ؟ .. حقي
أليس من حقي أن أحصل على راتب يضمن لي البقاء على قيد الحياة أنا وأسرتي ... في بلدي ؟ حقي ولا مش حقي ؟ .. حقي
أليس من حقي أن أعيش مرتاح البال هانيء وسعيد قدر الامكان في بلدي ؟ حقي ولا مش حقي ؟ .. حقي
أليس لي في بلدي تماما مثل ما لهم فيها ؟ حقي ده ولا مش حقي ؟ .. حقي
إذن انا لن أتنازل عن حقي .
ولن أسافر إلى أي مكان قبل ان أنال حقي .
وحينما انال حقي ، وحينما أقرر السفر بعدها ، سأسافر ورأسي مرفوعة وليست منكسة في الأرض .
سأسافر بإرادتي وليس رغما عني .
سأسافر لتحقيق المزيد من النجاح أو المزيد من المال أو المزيد من كليهما ، ليس هربا من فشلي .
أما أن أسافر الآن ؟ في ظل هذه الظروف وهذه الأوضاع ؟
فده بعدكم
أنا قاعد على قلبكم
أناكف فيكم وتناكفوا فيا
قاعد أشد في ديولكم كلكم
قاعد على نفسكم ومش ماشي
قاعد أرسمكم كلهم كاريكاتير وأضحك عليكم وأغيظكم وأطلع لكم لساني .
وأدق بإيدي إيد الهون .
ويانا انتم في البلد دي
أنا الفقري ... أيوة ... أنا .......
أنا القانط .. أنا الصامت .. أنا الصابر على الأيام
أنا الراضخ .. أنا الصارخ .. أنا العايش على الأوهام
أنا الشاكر .. أنا الثائر .. أنا الراضي بأي كلام
أنا المطحون .. أنا المنسي .. ومش قادر على النسيان
أنا الخالد .. أنا الفاني .. أنا الفرحة .. أنا الأحزان
أنا الرسمة .. أنا البسمة .. أنا الكلمة .. أنا الانسان