فيلم عمارة يعقبويان إستطاع أن يصبح واحدا من علامات السينما المصرية وعن جدارة .
هذا رأيي ... ويكفي أن قصة الفيلم هي رواية ناجحة للدكتور علاء الأسواني بغض النظر عما قد لحق بها من تشويه حينما تحولت إلي فيلم سينمائي علي يد وحيد حامد .
لم أكن قد شاهدت الفيلم بعد حينما وقعت بيدي نسخة أصلية منه علي اسطوانة كمبيوتر وما لفت انتباهي انها مترجمة بالانجليزية ويبدو انها نسخة خاصة بالمهرجان , ولكن ما أثار حنقي أن هذه النسخة الغريبة كانت تحوي الساعتين الأولى والثالثة من الفيلم فقط وهناك ساعة كاملة غير موجودة لسبب لم أفهمه , لذا قررت دخول الفيلم بسينما مترو وهي مفارقة مقصودة لأن هذه السينما بالذات كانت تظهر بأكثر من مشهد بالفيلم الذي تم تصوير معظمه بمنطقة وسط البلد .
جمهور الفيلم أغلبه من الشباب وخاصة الفتيات ( أعتقد انها صدفة لا أكثر ) , ولكن حظي العاثر جعلني اجلس امام رجل ملتحى وزوجته يبدو ان كل منهما قد تخطى سن الخامسة والأربعين .
كان يهمني أن اعرف رد فعل الناس تجاه مشاهد بعينها وهو ما ركزت عليه خاصة خلال الأجزاء التي كنت قد شاهدتها بالفعل من الفيلم ولم يعد من المهم أن أوجه لها كل انتباهي .
أولا : مشهد خالد الصاوي وهو يبكى في غرفة السطوح التي تركها عبد ربه هو وامرأته بعد وفاة ابنهما الوحيد . فوجئت بالجمهور يضحك والأعجب انه ضحك هيستيري خبيث وكأنهم أمام نكتة جنسية فاضحة !
( كانت هناك فتاة بالصف الأخير كادت ان يغشى عليها من الضحك في الواقع )
ثانيا: مشهد عادل امام وهو يترنح بالشارع مع هند صبري ليقول عبارته الشهيرة بالفيلم : احنا في زمن المسخ , وحينما جاءت عبارة : انا اقدم واحد في العمارة دي , بدأ الجمهور يضحك ! ثم حينما صعدا الي المكتب وحاولت هند صبري ان تجعله يمضى علي أوراق العقد وهو مخمور فإنتابته الالام فجأة وأسقط زجاجات الخمر
تصاعدت الضحكات الهيستيرية مرة أخرى .
وهذا المشهد تحديدا كان من المقصود أن يظهر مأساويا وقد ظهر بهذه الصورة بالفعل كي يبرر تمزيق هند صبري للأوراق حينما وجدت نفسها أمام رجل عجوز مسكين لا يستحق عملية النصب التي كادت ان تشترك بها .
ثالثا: مشهد قتل الصحفى حاتم رشيد ... صاحت ( الست الحاجة ) من ورائي : يستاهل , أحسن ... عشان البشرية تخلص منه ومن قرفه ! هكذا قالت بالحرف الواحد !!
وكأن خلاص البشرية متوقف علي مقتل صحفى شاذ جنسيا .
رابعا : بعض الأخطاء بالفيلم لم ينتبه لها مخلوق بالرغم من انني أراها واضحة تماما وبالرغم من ان الجمهور لم يترك كبيرة ولا صغيرة بالفيلم الا وعلق عليها بصوت عالي ليسمع الآخرين ... مثلا ذلك الشوت التي يظهر جامعة القاهرة وشارع الجامعة ويمكنك ان ترى اعلانات الانترنت المجاني 0700 واضحة تماما بالرغم من ان أحداث الفيلم ترجع الي أكثر من خمسة عشر عام ... وكذلك المشهد الذي يجمع بين هند صبري وعادل امام في احدى المطاعم المطلة علي ميدان طلعت حرب بعد ليلة القبض عليهما متلبسين بالفراش , ظهرت فجأة عربة ميني باص خضراء ملأت الثلث العلوي من الشاشة بأكمله لفترة كافية تماما وبالطبع هذا النوع من العربات لم يظهر الا من فترة قصيرة جدا .
كانت هذه اهم الملاحظات التي اثارت اهتمامي ومنها يمكنني ان استخلص بعض صفات الجمهور والذي أعتقد أنه شارك بنسبة كبيرة في تدهور السينما المصرية .
أولا: الجمهور المصري لا يتعاطف مطلقا مع شخصية الشاذ جنسيا بالرغم من تعاطفه من هند صبري وهي تقبل ان تمارس الجنس السطحى مع صاحب محل الملابس بالمخزن مقابل عشرة جنيهات ! خالد الصاوي لم يقدم دورا كوميديا ولعل اكبر دليل علي ذلك مشهده العبقري امام صورة والديه , انه واحد من اجمل المشاهد التي رأيتها في حياتي , ان يجتمع الحزن والألم والتهكم والسخرية والانكسار والحقد والشعور بالظلم في مشهد واحد وخلال ثواني معدودة , اداء خالد الصاوي وتقطيعات المونتاج لتعود الكاميرا الي الماضي تحكي لنا لقطات سريعة مركزة عبقرية لما تسبب في تحويل هذا الانسان الي شاذ جنسيا , وتتناوب مع لقطات أخرى لخالد الصاوي وهو ينظر الي صورة والديه ويأمرهما بالصمت ( هشششش .. هششششش ) ثم يشكرهما علي ما قدماه اليه في تهكم مرير ( ميرسي .. ميرسي بوكو ) . مشهد أقل ما يوصف به انه جبار ولكنه لم يهم الجمهور كثيرا .. الجمهور الذي دخل الفيلم ليشاهد الشاذ جنسيا ويضحك عليه باعتبار ان الفيلم اسمه ( مغامرات ميمي ) مثلا . ثم يتشفى فيه ويشعر بالنشوة والتلذذ حينما يقتل ( لتتخلص البشرية منه ) علي رأي الحاجة التي كانت تجلس خلفي .
ثانيا: الجمهور السطحى هو الذي لا يفرق بين مشهدين كالتالي : رجل مسن مسكين يتزحلق علي قشرة موز لتدق عنقه وآخر متأنق متعال يدخن البايب وينظر للناس بقرف يتزحلق علي نفس قشرة الموز . في الحالتين هناك ضحك هيستيري بالرغم من ان المشهد الأول يدعو للأسى والثاني هو ما يدعو للضحك .
وكذلك الحال تجاه المشاهد التي من المفترض أن تكون مؤثرة والتي يتعامل معها الجمهور بقسوة غريبة .
اجعل سيدة تسقط في الطريق فيتعرى فخذاها وتظهر ملابسها الداخلية , سليتف حولها الناس اما للضحك أو للتشفى والسخرية بالرغم من ان هذه السيدة ربما تكون أمك أو أختك .
ثالثا: الجمهور لا يدقق أبدا في النواحي الفنية للفيلم , ولا يلحظ مطلقا الأخطاء الفادحة التي تحدث . هذا شوت للبطل وذقنه نصف حليقة وفي اللحظة التالية تجده حليق فجأة وهو ما كان يحدث في افلام الأبيض والأسود كثيرا ويبدو ان احدا لم يلحظ ذلك سواي !
بعد ذلك لا تلوم صناعو أفلام ( التهريج ) فبدون جمهور اغلبه يضحك (عمال علي بطال) لن تجد هذه الأفلام سوقا ولم يكن محمد سعد ليصبح نجم كوميديا .
وتستاهل يا خالد يا صاوي لأنك فكرت للحظة ان تحترم الجمهور لتقدم له فنا راقيا ولم ترتدى ملابس النساء لتغني ( أبويا عاوز يتجوزني ).
15 comments:
مقال جميل يا أشرف.
نفس الجمهور اللي انت شفته هو نفس الجمهور اللي كان موجود لما أنا دخلت الفيلم من شهرين!
ما فيش فرق!
و انا كمان أؤيد نفس الكلام لأن نفس الجمهور كان هنا فى الاسكندرية معايا فى السينما
و ضحك على نفس المواقف رغم أنى رأيتها أكثر من رائعة تراجيدياً
لاحظت نفس الخطأ فى مشهد عادل أمام و هند صبرى و الاتوبيس
أسفت كثيراً لخالد الصاوى لأن دى نتيجة الاداء الجيد
و كان رأى الشخصى أنه أعاد أكتشاف نفسه
الجمهور داخل علشان يشوف الشاذ اللى هو معتاد عليه ذو الاسلوب الأنثوى فى الحوار و الملابس
لكنه لم يصدق أن هناك شاذ قد يعيش حياة عادية و لكنه يملك أختلاف فى نقطة واحدة هى حياته الجنسية
تقززت من مشهد الاستجواب لطه فى السجن عندما ربط مابين حاتم رشيد و الأسلوب اللى هايعذبوه بيه
ربما لأنها لم تكن موجودة فى الرواية الاصلية
تحياتى لك
و لخالد الصاوى
و عادل أمام
هند صبرى
you no what
when they play the movie here in new york it was the same ,even in the us our great people keep the same way of thinking.
the intersting thing that if the same egyption viewer was in any other american film with american audiance he will never laught !!!!
الأخ العزيز أحمد بلال
سعدت كثيرا بتعليقك , واتفق معك تماما في مشهد تعذيب طه الشاذلي وعبارة :
حنعمل فيك زي ما بيتعمل في حاتم رشيد . وقد بدت لي مقززة ايضا .
ليس فقط لأنها ليست في الرواية ولكن هذه الجملة تبدو ملفقة ومقحومة علي حوار الفيلم وربما كانت محاولة فاشلة لربط خيوط الأحداث ببعضها كي لا تبدو قصة كل شخص وكانها حكاية منفصلة , وهو ما دفع السيناريست لاقحام بعض مشاهد مثل مشهد عادل امام وهو يقرأ الجريدة الفرنسية التي يرأس تحريرها حاتم رشيد وكذلك مشهده مع حاتم وعبد ربه أمام الأسانسير ومشهد عادل امام وهو يشاهد نور الشريف في مجلس الشعب بالتليفزيون وهكذا . ربما كانت فكرة جيدة ان يتم ربط القصص ببعضها بخلاف ما جاء بالرواية ولكنها لم تكن كذلك في حالة تعذيب طه الشاذلي .
الأخ العزيز يوسف
ملاحظة مهمة جديرة بالتأمل . ولكن ادهشني ان الجميع يتفق علي ان رد فعل الجمهور كان واحدا في كل مكان !
أشكركم كثيرا
أؤيد ميشيل حنا .. عرض جميل وموجز سمعت ان في أخطاء راكور كتييرة في الفيلم، بس لا نلوم خالد الصاوي على اتقانه بقدر لوم الجمهور التعبان على جهله بل وعلى حبه المستميت لهذا الجهل!
تحياتي
كلامك مظبوط ..كان في حاجة عجيبة في الجمهور ..كان في مشاهد بعينها انا بعيط فيها وصاحبتي عماله تضحك جنبي ..كلام جميل
شكرا أشرف وشكرا لكل من أثنى علي وأعتقد أن ردود الأفعال الهيستيرية المتناقضة هي رد فعل طبيعي لصدمة الصراحة مع أناس عاشوا حياتهم بلا صراحة لا اجتماعيا ولا سياسيا ولا اعلاميا ولا فنيا طبعا وبالتالي وبالحتم:)
كل سنة وانتم جميعا بخير
خالد الصاوي
شكر خاص للأستاذ خالد الصاوي علي اهتمامه وتعقيبه علي المقال .
وفي الواقع مهما كتبت لن أفي هذا الفنان حقه .
وأدعو جميع الزوار لزيارة منتدى الأستاذ خالد علي الوصلة التالية
http://khaledelsawy.blogspot.com
أشكرك مرة أخرى يا استاذ خالد ومبروك المدونة الجديدة
د. أشرف حمدي
أؤيد كلامك يا أشرف مع إنى بصراحة من الناس اللى ضحكوا كتير فى الفيلم لكن أعتبره مثل الكاريكاتير الذى يعبر مثلا عن المواطن الفقير بهيكل عظمى ممكن ناس تضحك وممكن ناس تحزن وتتعاطف وأعتقد حتى اللى ضحك وصله الموقف لإن الفيلم فعلا جامد وجديد على السنيما المصرية
شكرا
مقال جميل خالص يا أشرف , ونقد رائع ,خاصة للجزء بتاع المنى باص ,لانى شفت الفيلم,وشفت الجزء دة, وحسيت بحاجة غلط مش مرتبطة بالفيلم فيها.
الفيلم طبعا جميل, وقصته جديدة خالص على السينما, انا ماشفتوش فى السينما الحمد لله- و الا كان اتفقع مرارتى على الى انت بتقوله عن الضحك, الفيلم دة مش كوميدى خالص ,و مش فيه اى مشهد يدعو للضحك بل انا فى اجزاء منه كنت هعيط من التأثر, وخاصة الجزء الى كان فيه خالد الصاوى بيعيط فى اودة عبدربه, دة مش معناه طبعا انى متعاطفة مع الشواذ جنسيا - بس الموقف دة كان فعلا مؤثر جدا و و معمول عشان يتعاطف الجمهور مع الممثل مش عشان يضحك.بس طبعا الجمهور فى مصر يا أشرف حدث ولا حرج .
ربنا يخلى لهم التفاهة وافلام المقاولات و بلاش الكلام عن محمد سعد لانى انا نفسى افلامه بتعجبنى نتكلم عن الى طلع فى المقدر جديد الباشا سعد الصغير الى وجوده بيدل على انحدار رهيب فى الذوق والغريبة ان الناس بتحبه !!!!!!!!! الصديقة نرمين رشدى
مش هناقش طرحك للفيلم خالص لأني تقريبا متفقة معاه
لكن معترضة على رأيك في الجمهور أنه تافه ، لا الناس مش تافهة الناس دايما بيضحكوا من واقعهم وخاصة احنا المصريين ، وأنا نفسي ضحكت على المشاهد المذكورة رغم اني قليلة الضخك اساسا لكن شر البلية مايضحك
@@@@@@@
لكن هل لاننا نضحك لا يكون لاحد حق الاحترام لنا ولا نتعامل بآدمية ونستاهل كل اللي الحكومة عملاه فينا
ومعاملتهم لنا زي البهايم
عشان بنضحك
@@@@@@@@@@@@
وانت نفسك رسام كاريكاتير سبب في بعض الضحك !!!!!!!!!!!!
ليس لك الحق ابدا أن تستغبى كل الناس كل الوقت
@@@@@@@@@@
أستاذ اشرف استمتعت بزيارة مدونتك
تمنياتي لك بالتوفيق
انا مش هاكرر الكلام اللى اتقال قبل كده عن ابداع الفنان خالد الصاوى فى دوره الذكى
انا انصدمت لما دخلت الفيلم دا من كذا ناحيه
أولا الفيلم اتظلم ظلم فاحش.. انا كنت حاسه انى بانهج من كتر السرعه اللى الفيلم بيتعرض بيها
فيه احداث كتيره جدا مش موجوده
فيه حاجات ما أخدتش حقها بالمره( زى مجتمع فوق السطوح!!)وحكاية طه الشاذلى بعد ما راح للجبل
الناس كانت بتضحك على الصحفى لأنها مش متخيله ان فيه حوالينا زيه كتير
الناس داخله فيلم على انه فيلم جنسى من الدرجه الأول
دا مش كلامى والله
وبيداروا كسوفهم بالضحك.. بيتناسوا الواقع اللى هما عايشينه وبيتعرض قدامهم دقيقه بدقيقه على الشاشه وكأنها بتعريهم
وفى الآخر بيقولوا.. احنا مش ناقصين نكد.. عاوزين نضحك
والله العالم دى عنده شيزوفرينيا
انا الوحيدة وسط 8 بنات اللى كنت فعلاااااا مستمتعة بالفيلم
مفهمتش ازاى مفهموهوش كده او مستمتعوش بيه زيى او ماعجبهمش اساسا
و دخلته بعد كده و كنت على نفس درجة الاعجاب
يمكن عشان انا الى قريت الروايه؟.
احنا اللي نستاهل
نستاهل ندوب في كاسات فن وألم
نستاهل نتعذب لناس ما هندهاش احساس
نتألم لهم ونتعلم لهم ونرسم لهم خرايط ما يفهموش فيها ولا يمشوا عليها
الناس دي اللتي تصفق لهيفاء وتلعنها
وتنتشي لمرأى السيقان والأكتاف العارية وتسب العرى
الناس التي صفقت لعبد الناصر ولما مات لعنته
وقبلت أيادي السادات ولما اغتيل
ازدرته
هؤلاء الناس الذين لا يفرقون بين فنان بحجم عاطف الطيب وآخر بحدود حسام الدين مصطفى رحمهما الله
الناس هم الجمهور
الذي أسقط فيلم باب الحديد ليوسف شاهين ثم عاد وتابعه بشغف
الجمهور الذي أسقط فيلمي القادم بقوة / محمد أمين
ورفعت أفلام سعد الصغير وشعبان عبد الرحيم
باختصار
الجمهور عايز يتربي صح
ومن أول وجديد
حصل معايا موقف مشابه
كان عندي فيلم "هي فوضي" مسروق من السينما، وفوجئت برد فعل الناس تجاه مشهد منة شلبي والدم علي ملابسها بعد مشهد الاغتصاب، سمعتهم بيضحكوا نفس الضحكات الخبيثة اللي انت كتبت عنها، مع إن المنظر كان مقزز جدا يخليك تكره حاجة اسمها خالد صالح
ساعات بحس إني بني آدم عايش في مجتمع من الزومبيز وآكلي لحوم البشر، حاجة بجد تقرف
Post a Comment