Total Pageviews

Tuesday, October 24, 2006

مأساة الرسوم المتحركة


الجوز الخيل .. والعربية .
واحد من أروع أفلام الرسوم المتحركة القصيرة التي شاهدتها في حياتي .
لا أدرى ماذا حدث كي ينهار هذا المجال في بلدي من قبل أن يبدأ أساسا . ولكنني أحاول إكتشاف أين يكمن الخطأ ومن هو المسئول عن ذلك من خلال متابعتي لتجارب الرسوم المتحركة منذ أن بدأ بكار في الظهور وحتى الآن .
دعونا أولا نستعرض مهازل هذه النوعية من المسلسلات التي تذاع علي التليفزيون المصري خاصة في رمضان.

بشكل عام تصميم الشخصيات لا بأس به . وربما يكون جيدا في كثير من الأحوال ثم تأتي مشكلة القصة , لا يوجد من يكتب للأطفال بل هناك كتيبة ممن يبحثون عن الكسب السريع دون مجهود فتأتي الحكايات مهلهلة وسخيفة يفر منها الصغار قبل الكبار . بعد ذلك تأتي المشاكل التقنية التي يمكن أن نحصرها في التالي :

أولا : هناك التحريك الأساسي أو ما يقال عليه مفاتيح الحركة وهي رسم بداية ونهاية كل حركة , مثلا حينما تلوح الشخصية بزراعها من اليمين الي اليسار تكون هناك رسمتان أساسيتان . رسمة تظهر فيها الشخصية رافعة يدها نحو اليمين وتكون هي بداية الحركة والرسمة الثانية تظهر فيها الشخصية رافعة يدها نحو اليسار وهي نهاية الحركة ومن يقوم برسم هذه المفاتيح من المفترض أن يكون علي مستوى عالي من الحرفية لأن الأخطار هنا تعني أن كل الخطوات التالية ستكون شنيعة . الخطوة التالية هي مليء الفراغ بين الرسمتين بمجموعة من الرسوم تسمي " ان بيتوين " ويقوم بها مجموعة من الرسامين الأقل مهارة عملهم شاق للغاية يتطلب وقتا ومجهودا خرافيين . من المفترض ان يكون هناك 24 كادر أو رسمة لكل ثانية تحريك ولك ان تحسب عدد الرسوم المطلوبة لاخراج فيلم مدته دقيقة واحدة . ولأن من يقوم بذلك هم جيش من الرسامين يتفاوتون في الخبرة والمهارة ويشتركون جميعا في داء عدم الالتزام باستايل الرسم , فان كل مشهد يتم رسمه بأسلوب مختلف تماما عن المشهد السابق بل يمكنك اذا كان لديك بعض الخبرة بهذا المجال ان تفرق بين المشهد الذي رسمه عباس والأخر الذي خرج من تحت يد حسين . بعد ذلك مراحل التحبير وادخال الرسوم الي الكمبيوتر أو " اسكان" ثم التلوين وعرض الرسوم بتتابع معين ودمجها مع الخلفيات الي آخر هذه الخطوات الكثيرة والمعقدة وشديدة الحساسية للأخطاء .
ولكن كيف يتم ذلك عندنا ؟ لا تسألني كيف لأن الأمر مضحك ومثير للرثاء . يكفي أن أقول لك أنه بدلا من رسم 24 كادر في الثانية يتم اختصارها الي 6 كادرات في بعض الأحيان . المفاتيح بها اخطاء شنيعة وحتى ان كانت جيدة فمن يرسم الـ " ان بيتوين " لا يعرف اي شيء عن فن الرسوم المتحركة أساسا . علاوة علي ان هؤلاء الرسامين مهضوم حقهم بالكامل ويعملون لساعات طويلة مملة دون عائد مادي جيد مما يزيد من عجزهم حتى عن تطوير أنفسهم . نحن نؤمن بمبدأ عظيم يقول : مش الشغل بيطلع وخلاص ؟ ليه اشتغل أكتر لما ممكن ما اشتغلش خالص ؟

ثانيا : مصيبة الكمبيوتر التي حلت علي رؤوسنا , الكمبيوتر اختراع عبقري بمجال الرسوم المتحركة ويوفر جهدا كبيرا جدا ويعتبر أداة مثالية للتلوين والتتابع وكل اعمال المونتاج والمؤثرات الخاصة والدوبلاج وغيرها . ولكن المصيبة أنه يتم دمج رسوم ثلاثية الأبعاد مع أخري ثنائية الأبعاد مما يفسد تناغم العناصر علي نحو مستفز للعين . البطل ثنائي الأبعاد يقود سيارة ثلاثية الأبعاد بمزج مع خلفيات هي خليط من عناصر ثنائية وثلاثية الأبعاد . هذا هو ما يطلق عليه " عك " ولا يوجد تعبير أكثر دقة من ذلك . الثري دي من المفترض ان يستخدم في ثلاثة أحوال , اما أن يكون العمل كله ثري دي , واما ان يكون الثري دي مجرد " جايد " أو مرشد لرسام التو دي كي يستطيع ضبط الحركات المعقدة , وإما ان يتم المزج بين التو دي والرسوم الثري دي التي تم معالجتها لتظهر وكأنها تو دي بحيث يكون لها نفس طابع الرسوم ثنائية الأبعاد .

ثالثا: الاخراج فاشل . حركة الكاميرا ساذجة واختيار الكادر أقل ما يقال عنه انه يفتقر الي اي حس فني . هي أمور كلها ترجع الي عدم المرور بمرحلة الـ " ستوري بورد " وهي أول مراحل انتاج فيلم رسوم متحركة وبها يتم رسم الحكاية بالكامل علي هيئة قصة مصورة تشرح تطور الأحداث وحركة الكاميرا واللقطات الأساسية . حتى وان تم رسم " ستوري بورد " فان الالتزام به ضرب من المستحيل .

رابعا : الدوبلاج أو تركيب الصوت علي الصورة , في الواقع نحن ننتج الأفلام بالمقلوب بحيث تكون مرحلة الدوبلاج هي آخر المراحل وفي الحقيقة انها أول شيء يتم عمله في أفلام الرسوم المتحركة النظيفة حتى يتثني رسم حركة الشفاه مع الصوت بشكل دقيق علي الأقل .

في النهاية نحن أمام مهزلة حقيقية . شخص يتزحلق علي الأرض بدلا من أن يسير لأن حركة القديمن أبطأ من حركة الخلفية , مزيج شنيع بين عدة أساليب في الرسم ثنائية الأبعاد ممزوجة بعناصر ثلاثية الأبعاد قادمة من عالم آخر مختلف . البطل حتى لا يستطيع الالتفات أو الدوران حول نفسه بشكل صحيح ففي كل كادر تزداد ملامحه تشوها بحيث يكون عباس وبعد ان يلتفت الي ناحية الأخري يكون قد تحول الي حسين . يتحدث بفم مغلق وتتحرك شفتاه دون كلام وان تكلم أساسا فكلامه مستفز وساذج .

ما السبب في كل هذه المهازل ؟
أولا : الادارة . وهي سبب كل المصائب في مصر , لهذا السبب لا توجد برمجيات محترمة في مصر لأن بدون ادارة منضبطة فأن اي خطأ بسيط يقوم به شخص واحد كافي لافشال العمل كله لأن الخطأ يتعاظم تأثيره ويصبح أكثر خطورة في كل خطوة تالية .
ثانيا: العائد المادي الضئيل مقابل عمل لو تم علي نحو صحيح فلسوف يستغرق وقت ومجهود شهور طويلة .
ثالثا: الرسوم المتحركة في مصر مجال بعيد عن النقاد , كلامي هذا أساسا لا قيمة له ولن يغير في الأمر أي شيء حتى وان نشرته في التليفزيون نفسه .
رابعا: الرغبة في اتمام العمل " وخلاص" . ارسم الزق لون منتج اطبع بيع أقبص . اللي بعده يا مرسي .
خامسا: الطفل المصري قد تم تشويه قيمه البصرية بحيث اصبح يستمتع بأي شيء ملون يتراقص أمامه حتى وان كان ريان يا فجل .
سادسا: الرغبة في ادراج تقنية مبهرة والاستمتاع بتطبيقها علي حساب الحس الفني . عندنا كمبيوتر طب ما تيجي نعمل شوية ثري دي مع التو دي ؟ عندنا واحد بيعرف يعمل انفجارات وتأثيرات طب ما نشعللها شوية ؟ وفي النهاية بيكون كأنه عامل فرح علي الشاشة .

الله يرحم رسامي ديزني في الماضي اللي لا كان عندهم كمبيوتر ولا كانوا يعرفوه وكانت تخرج من تحت ايديهم تحف فنية .

في النهاية يكسب مسلسل فريج الاماراتي . بصراحة انا لم أرى أروع من ذلك بالعالم العربي . ولا عزاء لنا .



15 comments:

Anonymous said...

ابتسمت ونا اقراء المقدمة التي اخترتها لنفسك

Anonymous said...

حلقات بكار مفيهاش غير اغنية محمد منير الصراحة .. اما اى شىء تانى فيعتبر تهريج . رغم الجهد والوقت المبذول فيها النتيجة طلعت سيئة جدا .. انا باستغرب لما باشوف تاريخ الانتاج اللى عليها وافتكر افلام توم وجيرى اللى اتعملت فى الاربعينيات قبل مايخترعوا الكومبيوتر واخدت جوائز اوسكار كتير. انا شايف انهم يلغوا قسم الرسوم المتحركة من كليات الفنون ومعاهد السينما اكرملهم

Anonymous said...

انا معاك في كل الي قولته
ايام الجامعة كنا بنطلع رسوم بجد بتاخذ ايام وشهور من السهر المتواصل حتى نطلع فيلم مدته 4 دقايق فقط

والالتزام بكل حركة باكثر من 22 فريم لحركة اليد وغير ذلك من تفاصيل وتركيب الموسيقى والمؤثرات لاخراج عمل مميز متعوب عليه

ولكن في الحياة العملية للاسف
مجال الانيميشن جدا قليل
ويفضلون تقليل والاختصار في الحركة
وذلك لان لا يوجد من يستطيع تحمل نفقات
واخراج عمل كامل متكامل
وقلة الوعي ايضا في اهمية الرسوم المتحركة في الوقت الحالي ليس فقط للاطفال بل هو عالم فني اخر ومميز

وايضا كما قلت واوافقك كثيرا في موضوع الرسوم المتحركة للاطفال هو الاهمال في وجود قصص ونصوص جيدة فيها عبر وتشويق للطفل بشخصيات ترسخ في عقل الطفل

هناك اهمال كبير ليس فقط في مصر بل بالوطن العربي ككل

وشكرا على اثارة هذا الموضوع المهم جدا
وكل سنة وانت طيب

Polka Dotted said...

لا تعليق
ولا اقللك

بقاله 1000 سنه و معرفوش يمشوا الكلام مع الصورة

بكار ده اسخف شىء فى الكون

Michel Hanna said...

مقال رائع وتحليل قوي يا أشرف.
برافو عليك.
والآن نترككم مع بكار رائعة دكتورة منى أبو النصر.

Michel Hanna said...

يا ترى حد شاف بينوكيو أو بامبي أو سنووايت؟
الحاجات اللي اتعملت في الأربعينات والثلاثينات، ومستواها أحسن من مستوانا دلوقت بكذا مليون مرة.
ليه إحنا متخلفين عن العالم بكذا مليون سنة؟

Michel Hanna said...

إيه يا عم فريج ده؟
مش معقول الشخصيات الكارتون كمان ملبسينها نقاب؟!!

أحمــــــــدبــــــــــلال said...

ياعمنا ده كارتون ديزنى الأبيض و أسود أحسن من اللى بنعمله عندنا ده
طبعاً لأنك متخصص أكتشفت الاخطاء القاتلة دى
على فكرة ماحبتش فى بكار غير الحلقة الاساسية اللى دخلت المسابقة فى البداية
الحلقة بتاعة الرسم لحورس الوحيدة
بعد كده أنسى
و لا بكار و لا مغامرين خمسة
على ما أتذكر أن المغامرين الخمسة كانوا بيواجهوا جرائم أكثر جدية من الحلقات الهزيلة المعروضة

بالرغم من سنوات عمرى و التى تخطت الثالثة و العشرين بأيام ألا أنى مازلت أشاهد قناة ديزنى دائما بل و أتابع حلقات معينة فيها و أستمتع أيضاً بالأفلام المعروضة

Michel Hanna said...

يا بختك يا بلال عندك قناة ديزني.
أنا عندي القناة الثالثة.

أحمــــــــدبــــــــــلال said...

أيه يا دكتور ميشيل
دى وصلة دش
ولا أنت فاكرنى عندى دش و مشترك فى الشوتايم
مابلاش الحسد ده
ده الكابل هايفصل القنوات من كتر الحسد
و مالها القناة التالتة
بالرغم من أنى معرفش أيه القناة التالتة دى
يمكن قصدك
الام بى سى ثرى
:)

daktara said...

واضح انك محترف ومذاكر
جوز الخيل والعربيه بجد كارتون رائع ويكفي ان كل جيلنا حافظ اغنيته
هو ماعدش بيجي ليه

Anonymous said...

يادكتور أشرف والله عاوز احييك على مقالاتك الرائعة واود ان اطرح عليك اقتراح متواضع وهو لماذا لا تجمع هذة المقالات والرسوم فى كتاب
مجرد اقتراح من قارىء يقدر فنك
مهندس على حنفى

Anonymous said...

على فكره أنا مفتقده جدا للرسوم المتحركه القديمه ودايما باسأل نفسى : هو خلاص الكمبيوتر عمل كل حاجه
أنا من عشاق أفلام ديزنى وهافضل كده طول عمرى ولحد ما أموت
دقه قديمه دقه قديمه.. ما يضرش
بس هو دا الشىء الوحيد اللى بيحسسنى بالبراءه لحد دلوقتى
بكار دا فاااااااشل
فاااااااااشل
فااااااااااااااااشل

أشرف حمدي said...

الأستاذ شريف نجيب
أشكرك بشدة علي التعليق الرائع , معلومات قيّمة جدا ولم أكن اعرفها . إذن فالتليفزيون هم ومن أصرّ علي المستوى القديم نظرا للتكلفة ؟! همممم , هذا هو المتوقع طبعا .
بالنسبة لتكلفة (فريج) فلم أكن أعلمها أيضا . عندك حق طبعا , والله لو عرضوا عليا ألفين جنيه لأعمل لهم الجزء التالت من شريك ولوحدي كمان !

hfbhidl said...

السيد العزيز اشرف ان ما كتبتة من الممكن اعتبارة جيدا لكن من وجهة نظري انك لم تحتك جيدا بالمجال ولدا فلم تري مشاكلة الحقيقية والتي من اهمها ان التليفزيون المصري هو المتحكم الاول والاخير في الموضوع فهو الدي يحدد السيناريو ويعطية لشركات الرسوم المتحركة بالاضافة الي انة يضغط الشركات في مسالة توقيت تسليم العمل وفي هدة الحالة لو انك احضرت رسامين ليس من ديزني زلكن من القمر داتة فستكون النتيجة اسؤ من دلك ولكن اود ان اخبركم علي سبيل المثال وليس الحصر اننا انتجنا هنا في مصر مجموعة اعلانات لمول بدبي اقسم لكم انكم لو شاهدتموها لن تصدقوا انها مصرية و من وجهة نظري الحل في التليفزيون المصري الدي لو حاول جمع هؤلاء الفنانين لانتاج اعمال قيمة ودلك بعيدا عن الشركات التي تتعامل معنا كما لو كنا نقاشين او نجارين(مع احترامي لكل هدة المهن الجميلة) لاستطاع ان يوفر ماديا وايضا سيحصل علي منتج عالي الجودة يستطيع تسويقة وليس عرضة هنا في مصر فقط لقلة جودتة (ابراهيم علام)kako_010109@hotmail.com

Counter