أين ذهب الأدباء ؟

بدأت القراءة منذ الصف الخامس الابتدائي تقريبا.
وأقصد بالقراءة هنا أي شيء لا علاقة له بمناهج الوزارة العقيمة والغبية ، وأقصد بالعقيمة والغبية كلا من المناهج والوزارة معا .
كانت البداية بالطبع المغامرون الخمسة ككل أبناء جيلي ، ثم تطور الأمر إلى سلسلة عين في اتنين لنبيل فاروق ثم ملف المستقبل حيث انني لم أكن أحب قصص الجاسوسية رجل المستحيل وكنت أميل إلى الخيال العلمي ، ثم تعرفت على كتابات العبقري أحمد خالد توفيق وكان أول شيء أقرأه له هو العدد السادس من ما وراء الطبيعة أسطورة ميدوسا وسرعان ما استطعت الحصول على الأعداد الخمسة التي فاتتني وبالطبع أصبحت مدمنا لكل حرف يكتبه فيما بعد سواء أكان مقال أو ترجمة أو قصة أو رواية ، ومع بداية المرحلة الثانوية وقع في يدي كتاب أينشتين والنسبية للدكتور مصطفى محمود فإنضم على الفور إلى قائمة الكتاب الذين أقرأ لهم مع عبد الحميد جودة السحار ويوسف ادريس وتوفيق الحكيم ومحمد عبد الحليم عبد الله وذلك العفريت العبقري المبهر الساخر الماكر محمد عفيفي مع بعض من كتابات يوسف السباعي وربما رواية واحد لإحسان عبد القدوس ، الوحيد الذي فشلت تماما في الاندماج معه هو نجيب محفوظ "سبحان الله" الحائز على جائزة نوبل ، لم أستطع أبدا أن أكمل له رواية واحدة ، خاصة تلك التي تحمل اسم ثرثرة فوق النيل ولا داعي لإخباركم بالاسم الذي أطلقته عليها حتى لا يهاجمني عشاق الأديب الذي شهد العالم كله بعبقريته إلا انا .
المهم كنت منسجما تماما مع قائمة كتابي ، بل يمكن القول بأنني قد تربيت على كتاباتهم ومعظم أفكاري بالإضافة إلى جزء كبير جدا من شخصيتي هو من نتاج قراءة أعمالهم .
ومع نهاية المرحلة الجامعية ظهرت البوادر الأولى للمشكلة التي اعاني منها الآن .
لقد قرأت كل شيء تقريبا ولابد من إعادة كتابة قائمة أخرى لأدباء جدد .
المصيبة الحقيقية هو أنني لم أجد .
وظل دكتور أحمد خالد توفيق هو الوحيد الباقي من قائمتي القديمة ليصبح وعن جدارة الأديب المصاحب لي في كل مراحل عمري ( طفولة \ بلوغ \ مراهقة \ شباب \ نضج ) أمد الله في عمره ليكمل معي ما تبقى من حياتي .
وقد كان تشريفه لي يوم فرحي بمثابة جميل لن أنساه وسأظل احكيه لأبنائي وأحفادي لأنه بالفعل انسان أكثر من رائع.
ولكن نعود إلى المشكلة ، إين ذهب الأدباء ؟
كانت هناك ام كلثوم ، ثم عبد الحليم حافظ ، ثم عمرو دياب الآن . أليس كذلك ؟
وبالمثل كان هناك يوسف ادريس وتوفيق الحكيم والسحار والسباعي ونجيب محفوظ و و و ، ثم ....... ؟ من يكتب لي الآن؟
حاولت قراءة رواية التلصص لصنع الله ابراهيم ، بصراحة شديدة لم أحتمل وتوقفت عند منتصف الكتاب وربما بعد منتصفه بقليل ومن المستحيل أن اعاود القراءة مرة أخرى .
قرات بالطبع للدكتور علاء الأسواني وكنت قد قابلته شخصيا لمرتين أو ثلاث مرات على مقهى بوسط البلد ووجدت فيه كاتبي العصري الجديد ، ولكنه لم يكتب حتى الآن سوى روايتين أفضلهما من وجهة نظري عمارة يعقوبيان .
قرأت أن تكون عباس العبد لأحمد العايدي وانبهرت كثيرا وتحمست له جدا لأنه من جيلي ، ولكنه أختفى فجأة ولم أسمع أن أية اعمال له بعد ذلك .
قرات كتاب تاكسي وهو من أفضل الأعمال التي ظهرت الفترة الماضية .
قرأت جميع أعمال دكتور ميشيل حنا بللوشي بإعتبارنا أصدقاء وباعتباري أصمم أغلفة كتبه ليلقى بها عرض الحائط ويأتي بمصممين آخرين في آخر لحظة !
للأسف فاتتني كتابات باسم شرف وطارق إمام ومحمد هشام عبيه .
ولكن ، بالرغم من ذلك تظل الاعمال قليلة للغاية ، ويظل عدد الكتاب قليل للغاية ، ويظل الاهتمام بهم محدود للغاية ، وتظل منافذ البيع في تحول دائم ومستمر إلى محلات بلاي ستيشن .
آه والله مش بهزر ، هناك مكتبة بالقرب من مقر عملي كنت أمر عليها يوميا لمتابعة كل ماهو جديد بعالم الأدب ، فجأة وجدت أنهم أقاموا بدلا منها محل لبيع البلاي ستيشن واسطوانات الألعاب ومشغلات إم بي ثري .
أعتقد أن الطبقة المتوسطة تنهار ، وفي ظل هذه الكارثة الاقتصادية التي حلت علينا أصبح رغيف العيش أهم ألف مرة من الكتاب ، كما اصبحت مهنة الكتابة مساوية تماما لكلمة عاطل ، ولولا أن دكتور علاء الأسواني يعمل بمجال طب الأسنان ــ وهو من أشهر الأطباء في مصر ــ لكان الآن معدما تماما .
ومعنى أنه لا يوجد كتاب فلن يكون هناك قراء يخرج منهم كتابا فيما بعد .
بمعنى آخر لقد انتهى عصر الأدب في مصر .

عموما ، أترك لكم المجال لتخبرونني عن الكتب ــ وخاصة الأدبي منها ــ والتي قرأتموها ووجدتوا انها بالفعل تعبر عن العصر الحالي الذي نعيشة بحيث يمكن أن نطلق عليها " الأدب بتاعنا "، من هو نجيب محفوظ بتاع دلوقتي ؟ ما هي الكتب التي تنصحوني بقراءتها ؟ وايه رأيكم في حكاية انتهاء العصر الأدبي دي ؟
عيشوا حياتكم في التعليقات